مما شرعه نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان
المبارك صلاة التراويح , وهى سنة مؤكدة , سميت تراويح لأن
الناس كانوا يستريحرن فيها بين كل أربع ركعات , لأنهم
كانوا يطيلون الصلاة .
وفعلها جماعة في المسجد أفضل ; فقد صلاها النبي صلى الله
عليه وسلم بأصحابه في المسجد ليالي , ثم تأخر عن الصلاة
بهم , خوفا من أن تفرض عليهم ; كما ثبت في " الصحيحين " عن
عائشة رضي الله عنها
;(
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة ,
وصلى بصلاته ناس , ثم صلى من القابلة , وكثر الناس , ثم
اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة , فلم يخرج إليهم ,
فلما أصبح ; قال : قد رأيت الذي صنعتم , فلم يمنعني من
الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم)
وذلك في رمضان , وفعلها صحابته من بعده , وتلقتها أمته
بالقبول , وقال صلى الله عليه وسلم
:(
من قام مع الإمام حتى ينصرف ; كتب له قيام ليلة)
وقال عليه الصلاة والسلام :(
من قام رمضان إيمانا واحتسابا , غفر له ما تقدم من ذنبه)
متفق عليه
.
فهي سنة ثابتة , لا ينبغي للمسلم تركها . أما عدد ركعاتها
, فلم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم , والأمر
في ذلك واسع . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله . " له
أن يصلي عشرين ركعة , كما هو مشهور من مذهب أحمد والشافعي
, وله أن يصلي ستا وثلاثين , كما هو مذهب مالك , وله أن
يصلي إحدى عشرة ركعة وثلاث عشرة ركعة , وكل حسن , فيكون
تكثير الركعات أو تقليلها بحسب طول القيام وقصره " . وعمر
رضي الله عنه لما جمع الناس على أبي ; صلى بهم عشرين ركعة
, والصحابة رضي الله عنهم منهم من يقل ومنهم من يكثر ,
والحد المحدود لا نص عليه من الشارع . وكثير من الأئمة (
أي : أئمة المساجد ) في التراويح يصلون صلاة لا يعقلونها ,
ولا يطمئنون في الركوع ولا في السجود , والطمأنينة ركن ,
والمطلوب في الصلاة حضور القلب بين يدي الله تعالى ,
واتعاظه بكلام الله إذ يتلى , وهذا لا يحصل في العجلة
المكروهة , وصلاة عشر ركعات مع طول القراءة والطمأنينة
أولى من عشرين ركعة مع العجلة المكروهة ; لأن لب الصلاة
وروحها هو إقبال القلب على الله عز وجل , ورب قليل خير من
كثير , وكذلك ترتيل القراءة أفضل من السرعة , والسرعة
المباحة هي التي لا يحصل معها إسقاط شيء من الحروف , فإن
أسقط بعض الحروف لأجل السرعة , لم يجز ذلك , وينهى عنه ,
وأما إذا قرأ قراءة بينة ينتفع بها المصلون خلفه ; فحسن .
وقد ذم الله الذين يقرءون القرآن بلا فهم معناه , فقال
تعالى :
{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ
أَمَانِيَّ }البقرة78
أي : تلاوة بلا فهم , والمراد من إنزال القرآن فهم معانيه
والعمل به لا مجرد التلاوة انتهى كلامه رحمه الله . وبعض
أئمة المساجد لا يصلون التراويح على الوجه المشروع ; لأنهم
يسرعون في القراءة سرعة تخل بأداء القرآن على الوجه الصحيح
, ولا يطمئنون في القيام والركوع والسجود , والطمأنينة ركن
من أركان الصلاة , ويأخذون بالعدد الأقل من الركعات ,
فيجمعون بين تقليل الركعات وتخفيف الصلاة وإساءة القراءة ,
وهذا تلاعب بالعبادة , فيجب عليهم أن يتقوا الله ويحسنوا
صلاتهم , ولا يحرموا أنفسهم ومن خلفهم من أداء التراويح
على الوجه المشروع .
وفق الله الجميع لما فيه الصلاح والفلاح .
0 التعليقات:
إرسال تعليق